يُعد الإكتئاب من الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا بين نسبة كبيرة بين الأشخاص، وعلى الرغم من انتشاره إلا أن هناك العديد من الأشخاص يترددون في زيارة الطبيب أو الأخصائي النفسي، بسبب عدة أمور منها خجل بعض الناس من فكرة تشخيصهم بالاكتئاب، ونظر الآخرون إلى اكتئابهم على أنه ضعف في حد ذاته وليس مرضًا حقيقيًا. من خلال هذا المقال سوف نتعرف على أسباب ظهور الاكتئاب وعلاجه.
ما هو الإكتئاب؟
يتساءل الكثير ما هو الإكتئاب؟ الاكتئاب هو اضطراب مزاجي يجعلك تشعر بالحزن باستمرار وفقدان الاهتمام. يؤثر الاكتئاب على شعورك وتفكيرك وتصرفك، ويمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل العاطفية والجسدية.
قد تواجه صعوبة في القيام بأنشطته اليومية العادية، وفي بعض الأحيان تشعر أن الحياة لا تستحق العيش. الاكتئاب هو أكثر من مجرد نوبة ألم أو تغيير في المزاج العام، والاكتئاب ليس نقطة ضعف ولا يمكنك التغلب عليه.
قد يتطلب الإكتئاب علاجًا طويل الأمد، لكن لا تثبط عزيمتك. يشعر معظم المصابين بالاكتئاب بتحسن مع الأدوية أو العلاج النفسي أو كليهما.
أسباب الإكتئاب
هناك العديد من العوامل الأخرى التي قد تكون بيولوجية أو خارجية قد تؤثر على احتمالية الإصابة بالاكتئاب، على الرغم من عدم وجود سبب جذري محدد ومعروف حتى الآن.
لعل أكثر هذه النظريات شيوعًا التي تفسر أسباب الاكتئاب هي اضطراب المواد والتفاعلات الكيميائية التي تحدث في المخ، باستثناء أن هناك ملايين أو مليارات المواد الكيميائية في الجسم التي قد تكون مسؤولة عن المزاج والنظرة إلى الحياة والأمور المتعلقة بها.
لذلك سنذكر بعض العوامل التي يمكن أن توضح أسباب الإكتئاب على النحو التالي:
- الاختلافات البيولوجية: يُعتقد أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب قد يكون لديهم اختلافات في شكل أدمغتهم.
- كيمياء الدماغ: توجد مواد كيميائية في الدماغ تسمى “الناقلات العصبية” (Neurotransmitters) وقد أظهرت الأبحاث أن وظائفها وتأثيراتها تلعب دورًا رئيسيًا في التحكم في الحالة المزاجية للشخص، لذا يحدث الشعور بحالة الاكتئاب، ومن الأسباب تلك الناقلات العصبية التي تلعب دورًا في ذلك: (السيروتونين Serotonin، والدوبامين Dopamine).
- الهرمونات Hormones: يمكن أن يؤدي عدم توازن بعض الهرمونات إلى تحفيز الإكتئاب أو إحداثه. ويمكن أن يحدث هذا الخلل مثًلا أثناء الحمل أو بسبب مشاكل الغدة الدرقية أو في فترة ما بعد الولادة، أو بعد بلوغ سن اليأس.
- وراثيًا: غالبًا ما يكون الإكتئاب أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين لدى عائلاتهم تاريخ مرضي للإصابة بالإكتئاب، يتأثرون به من أفراد الأسرة الآخرين ويحاول العلماء استكشاف الجينات التي يمكن أن تكون من أسباب الإكتئاب.
- عوامل أخرى:
- التعرض للصدمات.
- التنمر.
- فقدان الأحباء.
- التعرض لمشاكل مالية.
- الأمراض المزمنة مثل السرطان.
- السكتة الدماغية Stroke.
- أمراض القلب أو الاضطرابات العقلية Anxiety.
- القلق واضطرابات الأكل وكذلك اضطرابات الشخصية مثل: عدم الثقة بالنفس أو الشخصية السيئة.
أعراض الإكتئاب النفسي
يسبب الاكتئاب الكثير من المخاطر والأعراض التي تدمر حياة الأشخاص مع الوقت، ومن أعراض الإكتئاب النفسي الآتي:
- فقدان الرغبة في القيام بالأنشطة اليومية العادية.
- الشعور بالتوتر.
- الشعور باليأس.
- نوبات البكاء بدون سبب واضح.
- اضطرابات النوم.
- صعوبة في التركيز.
- صعوبة اتخاذ القرارات.
- زيادة الوزن أو فقدانه عن غير مقصود.
- القلق والملل.
- الحساسية المفرطة.
- الشعور بالتعب أو الضعف.
- الشعور بانعدام القيمة.
- فقدان الرغبة في ممارسة الجنس.
- محاولة الانتحار.
- المشاكل الجسدية غير المبررة مثل آلام الظهر أو الصداع.
تختلف أعراض الاكتئاب. لأن الاكتئاب يأتي بأشكال مختلفة من شخص لآخر. على سبيل المثال، قد تظهر أعراض الإكتئاب النفسي لدى شخص يبلغ من العمر 25 عامًا مصابًا بالاكتئاب مختلفة عن شخص بالغ من العمر 70 عامًا.
وقد يعاني بعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب من أعراض شديدة لدرجة الشعور بأن هناك خطأ ما، والآخرون قد يشعرون عمومًا بالتعاسة دون معرفة السبب.
الإكتئاب وعلاجه
الإكتئاب ليس ضعفًا أو شيئًا يسهل التخلص منه ويُعرَّف بأنه اضطراب ومرض يصيب الروح والجسد. وتجدر الإشارة إلى أن الإكتئاب من أكثر الأمراض شيوعًا في العالم، ويوجد له العديد من أنواع العلاج نذكر منها الآتي:
- الدوائي.
- النفسي.
- العلاج بالصدمات الكهربائية.
هناك أيضًا علاجات للاكتئاب لم تنجح في البحث والتجريب، مثل الطرق المقبولة المذكورة أعلاه، ومنها:
- تحفيز الدماغ
- العلاجات التكميلية.
سوف نتناول معا في هذا المقال أحد طرق العلاج وهي العلاج الدوائي.
العلاج الدوائي (Antidepressant)
يرتبط اضطراب بعض المواد الكيميائية المعروفة بالناقلات العصبية (Neurotransmitters) في الدماغ (المخ) بحدوث الإكتئاب وخاصة كل من السيروتونين (Serotonin) والدوبامين (Dopamin).
تجدر الإشارة إلى أن معظم أنواع الأدوية المضادة للاكتئاب تعمل من خلال العمل على هذه الناقلات العصبية، والتي تسمى أحيانًا بالرسائل الكيميائية. وهذا يعني أن كل نوع من الأدوية المضادة للاكتئاب يؤثر على الناقلات العصبية في دماغ (مخ) الشخص المصاب، ومن أهم أنواع مضادات الإكتئاب:
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، مثل: السيرترالين والباروكستين و السيتالوبرام والفلوكستين.
- مثبطات امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين، مثل: الفينلافكسين والدولكستين والديسفينلافاكسين.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثل: النورتريبتالين و الأميتريبتالين والإميبرامين.
- مثبطات مونوامين أوكسيديز، مثل:الفينالزين.
- مثبطات امتصاص النوربينفرين والدوبامين، مثل: البروبيون.
حالات خاصة قد تصاب بالاكتئاب
الاكتئاب المؤقت قد يصيب بعض الناس ومنه:
الإكتئاب عند المرأة الحامل
اكتئاب الحمل: هو اضطراب مزاجي يحدث عند النساء الحوامل نتيجة اضطراب بيولوجي ينطوي على تغيرات في كيمياء الدماغ بسبب تأثير الهرمونات على المواد الكيميائية التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالاكتئاب والقلق أثناء الحمل.
على الرغم من أنه يصيب حوالي 7٪ من النساء الحوامل في العالم إلا أنه لا يشخص الإكتئاب بطريقة صحيحة أثناء الحمل للاعتقاد السائد أنه نتيجة عدم التوازن الهرموني الذي سيزول بعد الولادة.
متى تزداد مخاطر إصابة الإكتئاب عند المرأة الحامل؟
هناك العديد من العوامل التي قد تكون مرتبطة بالمرأة الحامل نفسها أو بيئتها التي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، بما في ذلك:
- تاريخ شخصي أو عائلي من الإكتئاب أو القلق.
- تاريخ اضطراب ما قبل الحيض المزعج (PMDD).
- إن كان سن الأم أقل من 25 سنة.
- لا يوجد دعم اجتماعي.
- الخلافات والمشاكل الزوجية.
- المضاعفات الصحية للحمل.
الإكتئاب بعد الولادة
يعالج الإكتئاب بعد الولادة باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوية النفسية، ويكون اختيار الدواء وفقًا لسلامته وأمانه للأم وكذلك للرضاعة الطبيعية.
يوصى عمومًا بالبدء بالجرعة المعتادة وزيادتها تدريجيًا. لمنع الإصابة بالاكتئاب مرة أخرى يجب أن تستمر في تناول الدواء مدة 6 أشهر. وإذا لم يستجب الجسم للعلاج في غضون 6 أشهر فمن الأفضل الذهاب إلي الطبيب مرة أخرى لتعديل العلاج الإكتئاب.
ومن الأدوية المقترحة لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة:
- لوسترال Lustral: هو الدواء الموصى به أثناء الرضاعة الطبيعية.
- يمكن أيضًا علاج اكتئاب ما بعد الولادة بأدوية أخرى من عائلة مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
كيف نواجه الإكتئاب
عندما يسيطر الإكتئاب علينا إما أن نستسلم أو نبحث عن كيف نواجه الإكتئاب؟ وعلى كل حال يجب مواجهة هذا الشعور وعدم الانصياع إليه. ومن الأمور المساعدة في المواجهة:
- احصل على الدعم من الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالأمان وبصحة جيدة. ليس من الضروري أن يتمكن الأشخاص الذين تتحدث معهم من معالجتك هم فقط يكونوا مستمعين جيدين، شخص يستمع باهتمام ورحمة دون تشتيت الانتباه أو الحكم على المريض.
- تعد المكالمات الهاتفية ووسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية طرقًا رائعة للبقاء على اتصال، لكنها لا تحل محل الوقت الجيد الذي تقضيه شخصيًا مع شخص يساعد على راحتك النفسية. مجرد التحدث مع شخص ما وجهًا لوجه حول ما تشعر به يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تخفيف الإكتئاب.
إذا كنت تعرف شخص ما مصاب بإكتئاب حاد شجعه على تناول العلاج والالتزام به، ذكره بتناول الأدوية أو القيام بزيارة المتخصص للعلاج، أخبره أن يطلب علاج فردي أو ينضم إلى مجموعات الدعم. ترعى العديد من منظمات الصحة العقلية هذه المجموعات ويمكنها أيضًا تزويده بمعلومات حول المرض وأحدث العلاجات.
إذا كنت تعتقد أن أحد أفراد أسرتك لديه ميول انتحارية، فاستشر الطبيب فورًا.
